عويص المسائل

الأوزاعيُّ عن عبد الله بن سَعد عن الصُّنابحيّ عن مُعاوية بن أبي سُفيان قال‏:‏ نهى رسول الله عن الأغلوطات‏.‏ قال الأوزاعيّ‏:‏ يعني صِعاب المسائل‏.‏ وكان ابن سِيرين إذا سُئل عن مَسألة فيها أغلوطة قال للسائل‏:‏ أمْسِكها حتى نَسأل عنها أخاكَ إِبليس‏.‏ وسأل عُمَرُ بن الخطّاب رضي الله عنه علي بن أبي طالب كَرَّم الله وَجْهَه فقال‏:‏ ما تَقُول في رجُل أمّه عند رجل آخر فقال‏:‏ يُمسك عنها أراد عمر أنَّ الرجل يموت وأمه عند رجل آخر وقولُ علّيٍ يُمسك عنها‏.‏ يريد الزَّوج يُمسك عن أمِّ الميت حتى تَسْتَبْرِئ من طريق الميراث‏.‏ وسأل رجلٌ عُمَر بن قيس عن الْحَصاة يَجدها الإنسان في ثوبه أو في خُفّه أو في جَبْهته من حَصى المَسْجد فقال‏:‏ ارْم بها قال الرجلُ‏:‏ زَعموا أنها تَصِيح حتى ترد إلى المسجد فقال‏:‏ دَعها تصيح حتى يَنْشق حلقها فقال الرجل‏:‏ سُبحان الله‏!‏ ولها حَلْق قال‏:‏ فمن أين تَصِيح وسأل رجلٌ مالكَ بنَ أَنس عن قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ الرَّحْمنُ عَلَى اْلْعَرْش آسْتَوَى ‏"‏ كيف هذا الاستواء قال‏:‏ الاستواء مَعْقول والكَيْف مَجّهول ولا أظنّك إلا رجلَ سوء‏.‏ وروى مالكُ بن أنَس الحديثَ عن رسول الله قال‏:‏ إذا استيقظ أحدُكم من نومه فلا يُدخل يدَه في الإناء حتى يَغْسِلها فإِنَّ أحدَكم لا يَدْري أين باتت يدُه‏.‏ فقال له رجل‏:‏ فكيف نَصنع في المِهرَاس أبا عبد الله - والمِهْراس‏:‏ حَوْض مكة الذي يتَوضّأ الناس فيه - فقال‏:‏ من الله العِلْم وعلى الرسول البلاغ ومنّا التَّسليم أمِرُّوا الحديث‏.‏ وقيل لابن عبَّاس رضي الله عنهما‏:‏ ما تقول في رجل طًلّق امرأَته عددَ نُجوم السماء قال‏:‏ يَكْفيه منها كوكب الجوزاء‏.‏ وسُئِل عليُّ بن أبي طالب رضوان الله عليه‏:‏ أين كان ربُّنا قبل أن يَخلق السماء والأرض فقال‏:‏ أين‏:‏ تُوجب المَكان وكان الله عزّ وجلّ ولا مكان‏.‏
التصحيف

وذكر الأصمعيّ رجلاً بالتًصحيف فقال‏:‏ كان يَسمع فيَعِي غيرَ ما يَسمع ويَكْتب غير ما وَعى ويَقْرأ في الكتاب غير ما هو فيه‏.‏ وذكر آخر رجلاً بالتَّصحيف فقال‏:‏ كان إذا نَسخ الكِتاب مَرَّتين عاد سُرْيانياً‏.‏
طلب العلم لغير الله

وقال النبي ‏:‏ إذا أعطِي الناسُ العِلْم ومُنِعوا العَمل وتحابُّوا بالألْسن وتباغَضوا بالقًلوب وتَقاطعوا في الأرحام لعَنهم الله فأصمَهم وأعْمى أبصارَهم‏.‏ وقال النبي ‏:‏ ألا أخْبركم بشرِّ الناس قالوا‏:‏ بلَى يا رسول الله العُلماء إذا فَسدوا‏.‏ وقال الفُضَيل بن عِيَاض‏:‏ كان العُلَمَاء رَبيعَ الناس إذ رآهم المَريضُ لم يسرّه أن يكون صَحيحاً وإذا نظر إليهم الفقيُر لم يَودَّ أن يكون غنياً ‏"‏ وقد صاروا اليومَ فتنة للناس ‏"‏‏.‏ وقال عيسى بنُ مَرْيم عليه السلام‏:‏ سيكون في آخرِ الزمان عُلماء يُزَهِّدون في الدُّنيا ولا يَزهدون ويُرَغِّبون في الآخرة ولا يَرْغَبون يَنْهَوْن عن إتيان الوُلاة ولا ينْتهون يُقَرِّبون الأغنياء ويُبْعِدون الفُقراء ويتَبسِّطون للكبراء ويَنْقبضون عن الحُقراء أولئك إخوانُ الشياطين وأعداء الرحمن‏.‏ وقال محمد بن واسع‏:‏ لأن تَطلُب الدنيا بأَقبحَ ممّا تطلبُ به الآخرةَ خيرٌ من أن تطلبَها بأحسَن مما تطلب به الآخرةَ‏.‏ وقال الحسن‏:‏ العِلْم عِلمان عِلم في القَلْب فذاك العِلم النافع وعِلم في اللسان فذاك حجّة الله على عِباده‏.‏ وقال النبي ‏:‏ إنَّ الزبانية لا تَخْرج إلى فَقِيه ولا إلى حَمَلة القران إِلا قالوا لهم‏:‏ إليكم عنّا دُونكم عَبدةَ الأوثان‏.‏ فيَشْتكون إلى الله فيقول‏:‏ ليس من عَلِم كمن لم يَعلم‏.‏ وقال مالك بن دِينار‏:‏ مَن طلب العِلم لنفسه فالقَلِيل منه يَكْفِيه ومَن طَلبه للنَّاس فحوائجُ الناس كثيرة‏.‏ وقال ابن شبْرمة‏:‏ ذَهب العِلم إلا غُبَّرات في أَوْعية سوء‏.‏ وقال النبي ‏:‏ مَن طلب العِلْم لأرْبَع دَخل النارَ‏:‏ مَن طلبه ليُباهي به العُلماء وليُمارِي به السُّفهاء وليَسْتَمِيل به وُجوه الناس إليه أو ليأخذَ به من السلطان‏.‏ وتكلّم مالكُ بن دِينار فأبْكَى أصحابَه ثم افتقد مُصْحفه فنظَر إلى أصحابه وكلهم يَبْكِي فقال‏:‏ وَيحكم‏!‏ كلكم يبكِي فمن أخذ هذا المُصحف قال أحمد بن أبي الحَوَاريّ‏:‏ قَال لي أبو سُليمان في طريق الحجّ‏:‏ يا أحمد إنَّ الله قال لمُوسى بن عِمْران‏:‏ مُرْ ظَلمة بني إسرائيل أن لا يَذْكروني فإني لا أذكر من ذكرني منهم إلا بلَعْنة حتى يَسْكت‏.‏ وَيْحك يا أحمد‏!‏ بَلغني أنه من حجّ بمالٍ من غير حله ثم لبَّى قالت الله تبارك وتعالى‏:‏ لا لَبيك ولا سَعْدَيْك حتى تُؤَدَي ما بيديك فلا يؤمننا أن يُقال لنا ذلك‏.‏