««صديقة الدرب»»
سوريا واحدة من أبرز دول العالم في الجذ ب السياحي لما تتمتع به من كنوز سياحية تحكي قصص الحضارات التي نشأت على أرضها وتعاقّبت مُخلّفة آثار تروي عظمة إنسانها ومن هذه الآثار حَمّام سلمية الأثري .
تاريخه وموقعه:
في وسط مدينة سلمية وعلى بوابة شارع الثورة يقبع حمام سلمية الأثري الذي يعود تاريخ قواعده ومدخله إلى العهد الروماني أما قببه فهي جديدة ، حيث بني هذا الحَمّام كسائر الَحمّامات التي بناها الرومان و استحضروا الماء له بأنابيب فخارية قادمة من قناة عين القصب , التي كانت قرب ( ضهر المغر ) حالياً و بقي هذا الحمام يتهدم و يُبنى حتى أخذ وضعه الحالي بمقصوراته و دعائمه و أقواسه و ممراته و ردهته الخارجية (1).
من الجهة القبلية للحَمّام وعلى يعد أمتار منه يقع معبد " زيوس اليوناني" والذي تحول إلى جامع (الإمام إسماعيل ) حاليا والى جانبه يقوم مدفن إمامي لإمامين من أئمة الإسماعيليين هما " تقي محمد ورضي الدين عبدالله" (2)،
إلى الجهة الشرقية يتجه الباب الرئيسي و يقابله على الجانب الآخر من الشارع عيادات طبية وينخفض الباب الخارجي للحَمّام عن الشارع حوالي المترين ، يُنّزل إليه بعدة درجات للأسفل .
التعريف والشكل العام :
يعتبر حَمّام سلمية الأثري نموذجاً فريداً ومتكاملاً ومثالاً رائعاً لدراسة أجزاء الحمامات الإسلامية عامة والحمامات السورية خاصةً، كما يمثل هذا الحَمّام بسويَّاته الأثرية الباقية أغلب المراحل التَّاريخية المعروفة التّي مرَّت على سلمية، حيث تشير أقدم الدلائل الباقية لعودة البناء الأوّل لهذا الحَمّام إلى العصر الرٍّوماني /64ق.م -395م/ وقد زادت أهمية هذا الحمَّام في العصر البيزنطي مع تعاظم الدّور الدّيني لسلمية الَّتي حُوِّل معبدها القديم لكنيسة ما لبث أن صارت أبرشية يتبعها أكثر من أربعين كنيسة في وسط بلاد الشَّام، ولم تقلّ العناية بهذا الحَمّام في العصر الإسلامي منذ / 635 م 14 هـ / ، فقد حُوٍّلت الكنيسة إلى جامع منذ مطلع العصر العبَّاسي وأعيد تشغيل الحَمّام القديم حيث يؤكد النَّقشان المؤّرخان بالقرن / 9م، 3هـ/ اللذَّان عُثر عليهما بالحَمّام أنَّ هذا الحَمّام استمر يقوم بوظيفته في هذا العصر .
ويعكس بناء الحَمّام ذلك الإهتمام الكبير الذَّي لقيته سلمية في العصر الزنكي ثم الأيوبي حيث توفَّر لهذا الحَمّام إعادة بناء كاملة تظهر معالمها في أجزاء الحَمّام وفي أنواع عقوده وأشكال قبابه الآجرِّية ذات القطاع نّصف الدائري المدَّبب والمائل للطول وكذلك في مناطق الانتقال الدَّاخلية المكوَّنة من السَّراويل والمثلَّثات الكروية.
كما نظهر الدَّلائل المعمارية بأن هذا الحَمّام قد تعرض في العصر المملوكي لمرمَّة واسعة شملت إعادة تأهيل أغلب أقسامه وتطوير أجزائها وعناصرها حتّى أخذ حَمّام سلمية شكله المعماري الحالي بأقسامه الكاملة التّي بلغت قمَّة اكتمالها في هذا العصر وليصبح هذا الحَمّام متطابقاً في تخطيطه وأقسامه مع أشهر الحمَّامات العائدة للعصر المملوكي، بل صار تخطيطه يمثّل قمّة تطور الحَمّامات الإسلامية في بلاد الشّام .
ويبدو أنَّ هذا الحَمّام قد وصّل سالماً لأهل سلمية عند إعمارهم الأخير لها عام / 1848 / ترميمه وتجهيزه وتشغيله واستخدامه كحَمّام وحيد لهذه المدينة حتى أواسط القرن العشرين ، وقد أُدرج حَمّام سلمية في عداد الآثار الإسلامية الواجب الحفاظ عليها عام / 1969 م / ، وبدأت أعمال الترميم فيه منذ سنة / 1977 / م.
تقسيمات الحمام:
يتألف الحَمّام من مسقط مستطيل مساحته /844,32م2/ يحيط به أربع واجهات خارجيّة أهمُّها الواجهة الشرقية الرئيسية التي تحوي المدخل الرئيسي للحَمّام بطرفها الشمالي , ويتوسط المدخل من الأسفل باب الدخول للحمام الذي يفضي مباشرة لدهليز طويل مقبي ويفتح بالجدار الجنوبي للدهليز باب ارتفاعه /1.82م/ ، وعرضه 1.15م
يتّصل معه ممر طويل يفضي لأول أقسام الحَمّام:
البرَّاني ذي الشكل المربّع الذي يتوسطه «فسقية» مثمنة الأضلاع . يغطيها قبة كبيرة ويُفتح على تلك المساحة المربعة إيوانان جانبيان شرقي وغربي ، وفي أسفلهما مصطبة مرتفعة .
الوسطاني:
ويتألف من ثلاثة أجزاء ، " وسطاني أول " وهو عبارة عن مساحة مربعة مغطاة بقبة مفرّغة مُركب بها مضاوي ذات تشكيلات زخّرفية محمولة على أربع مثلثات كروية ويشغل جزءاً من أرض هذه القبة مصطبة ترتفع / 71 سم/ .
"وسطاني ثاني" وهو عبارة عن مساحة مستطيلة مغطاة بقبو نصف اسطواني محمول في زواياه على أربع حنايا ركنية بشكل صدفة, ويتوسّط هذا القسم فسقية صغيرة مثبتة قطرها / 84سم/ ويفتح بالجدار الشرقي لهذا الجزء بابان يُدخل من الأول منهما لممر يؤدي إلى كرّسي خلاء مازالت قاعدتها موجودة، بينهما يفضي الباب الثاني إلى مقصورة مربَّعة مغطاة بقبّة محمولة على أربعة مثلثات كروية وفتح في كل من جداريها الشمالي والشرقي ثقوب كانت توصل الماء البارد والسَّاخن للاستحمام وفي طرف الجدار الجنوبي للوسطاني الثاني يوجد فتحة باب معقودة تفضي مباشرة للقسم الثالث من الحَمّام " الجواني" (3) .
-الجواني:
مساحة مربعة طول ضلعها 625سم مفتوح عليها ثلاثة أواوين ويوجد في الزوايا الأربعة للمساحة المربعة أربعة أبواب معقودة ويشار أن كافة القباب والأقبية مزودة بفتحات ركب عليها مضاوي.
وفي الجواني موقد يقع ملاصق للجهة الجنوبية له يمكن الوصول إليه من باب خاص يصل الماء إليه عبر قناة و بعد مرورها على الموقد توزع عبر أقصاب فخارية إلى كافة أجزاء الحمام.(4)
. الجدير بالذكر أن كافة جدران الحَمّام مبنية من حجر البازلت بينما الأقبية مبنية من الآجر .
مصادر :
- (1) دراسة للمؤرخ محمود أمين بعنوان الآثار الحضارية في سلمية .
- (2) كتاب سلمية في خمسين قرناً للمؤرخ محمود أمين ص 28 .
- (3) لوحات جدارية تعريفية في الحمام ( جمعيات العاديات ) في سلمية
- (4) غزوان مصطفى ياغي ، جمعية العاديات .
يتبع
يَا سُـــورْيَا لاَ تنْحَنِيِ .. .. أَنَا لاَ أُذَلُ وَلاَ أُهَــــاَنْ
خَلِّي جَبِينَكِ عَاَلِيـــــاً .. .. مَادُمْتِ صَاحِبَةُ الْمَكَانْ
للاستفسار او مساعدة راسلوني على هاد الايميل
[email protected]
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)