دفعت الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري إلى سحب قرابة 10% من الودائع المصرفية بالبلاد خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2011، وهو ما يعادل 2.6 مليار دولار، حسب بيانات أصدرها البنك المركزي السوري في وقت سابق هذا الأسبوع. ووصف مصرفيون لبنانيون ما يشاع من هروب رساميل من سوريا إلى النظام المصرفي اللبناني بالمبالغ فيه، رغم أن البعض يشير إلى علاقة محتملة بين ارتفاع ملحوظ في الودائع المصرفية بلبنان والوضع الراهن بسوريا. وبعدما زادت الودائع في لبنان خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين بفعل الاضطرابات بسوريا، اتخذ حجم الودائع منحنى تناقصيا في الشهر التالي مايو/أيار إثر اتخاذ السلطات السورية تدابير لحماية عملتها المحلية الليرة، وعلى رأسها ضخ بعض الرساميل ومراقبة عمليات الصرف. ورغم أن هذه الإجراءات قد تقلص حجم النقد الأجنبي الذي تبيعه المصارف التجارية السورية للمواطنين، وبالتالي تخفف الضغوط على الليرة في المدى القصير، فإن استمرار غياب الاستقرار بالبلاد يدفع العديد للبحث عن طرق أخرى لحماية أرصدتهم. "العديد من الناس يعمدون إلى تحويل مدخراتهم من الليرة إلى ممتلكات كالسيارات والشقق، وذلك على خلفية فقدان العملة جزءا من قيمتها" تحت الضغطويقول مروان بركات مدير البحث في بنك "عودة" –وهو أحد المصارف الكبرى بلبنان- إن الليرة لا تزال تحت ضغوط لأن عنصر الشك لا يزال يطبع النظرة المستقبلية لوضع سوريا. في حين قال أحد السوريين المنتمين للطبقة الوسطى بدمشق إن العديد من الناس يعمدون إلى تحويل مدخراتهم من الليرة إلى ممتلكات كالسيارات والشقق، وذلك على خلفية فقدان العملة السورية جزءا من قيمتها. ودفعت القيود التي تفرضها دمشق على بيع المصارف للدولار إلى إنعاش سوق سوداء لبيع العملات، رغم أن اللجوء إليها أصبح أكثر كلفة وصعوبة من ذي قبل، ففي حين أن المعدل الرسمي لصرف العملة المحلية هو 47.5 ليرة لكل دولار، فإن السعر بالسوق السوداء يبلغ 52 ليرة لكل دولار. وبسبب القلق على قيمة الليرة قامت الحكومة السورية أخيرا بشن حملة على وكالات تمارس عملية صرف العملات بطريقة غير قانونية، حيث أعلن محافظ البنك المركزي خلال الأسبوع الجاري عن إغلاق 30 محلا للصرف في العاصمة منذ مارس/آذار الماضي. وفي بدايات الاحتجاجات بسوريا كان إجمالي الاحتياطي من النقد الأجنبي في حدود 17 مليار دولار، نسبة 67% منها مودعة بالليرة حسب مروان بركات، ويقدر بعض المحللين أن هذا الاحتياطي يخسر أسبوعيا 70 مليون دولار بفعل تدخلات السلطات لضمان استقرار قيمة الليرة. ويقول المحلل الاقتصادي المختص بسوريا لدى مؤسسة "إيكونوميست أنتلجنسي يونت" البريطانية كريستوفر فيليب إن السياسة الاقتصادية لسوريا ترتكز على التعامل مع تداعيات الأزمة الحالية بسرعة وفعالية. ومن مظاهر الصعوبات المالية التي تواجهها سوريا طلب وزير خارجيتها وليد المعلم من العراق خلال زيارته بغداد في مايو/أيار الماضي تزويد بلاده بإمدادات نفطية بسعر منخفض، وحسب المسؤولين العراقيين فإن المعلم طلب تطبيق نفس التسعيرة التي تصدر بها بغداد نفطها للأردن، غير أن السلطات العراقية لم تتخذ بعد أي قرار بهذا الصدد.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)