قبل عشر سنوات، وفي السابع عشر من شهر تموز عام 2000، تولى الرئيس الدكتور بشار الأسد مسؤولياته الرئاسية ليقود سورية إلى مزيد من الحداثة والتطور والازدهار والاستقرار، واستطاع بالفعل أن يقود سفينة سورية بكل حكمة وحنكة وعزيمة وصلابة واصرار.. واستطاعت هذه السفينة مواجهة كل الأعاصير السياسية العاتية التي أتت من كل حدب وصوب، والبقاء مبحرة نحو شاطىء الأمان بكل عزيمة وصبر وايمان، حتى غدت هذه السفينة مرجعاً مهماً من مراجع الاستقرار والهدوء في المنطقة.. ولا يستطيع أحد تجاوزها أو التغاضي عنها، بل أصبح كثيرون يحاولون الحصول على ود وصداقة ودعم قبطانها القائد الملهم الشاب والحيوي في نشاطه والانسان في مشاعره.
رغم ما مرت على سورية من ظروف، ورغم ما واجهته من معطيات دولية واقليمية قاسية جداً، ورغم الهجمة الكبيرة من التآمر شارك فيها من هب ودب من قادة وكتاب وسياسيين إلا أن هذا القطر العربي استطاع تجاوز كل تلك "المصائب" و"المحن" العربية، وأن يخرج منها قوياً صلباً يكن له كل العالم الاحترام والتقدير.
سورية عاشت سنوات عشر سمان رغم الأوضاع القاسية في المنطقة وخاصة في دول الجوار، لأن الرئيس الأسد لم يهتم فقط بما يحيط سورية، ولكنه اهتم بالداخل، وبالتحديد بالمواطن، وعمل على تقوية هذه الساحة الداخلية بكل ما أوتي من عزم وجهد وقوة..
الساحة الداخلية السلاح الأقوى
خلال السنوات العشر الماضية، قام الرئيس بخطوات كثيرة وعديدة نقلت سورية الى مزيد من التطور والتقدم والاستقرار، ومن هذه التغيرات الايجابية على الساحة الداخلية:
· الإنفتاح الاقتصادي الكبير إذ أن العديد من البنوك الخاصة أفتتحت، وكذلك البنوك العربية لم تتردد في فتح فروع عديدة لها في سورية.. وكذلك تم تشجيع الاستثمار وأصبحت سورية من الدول التي يسعى رجال الأعمال للاستثمار فيها بسبب القوانين المشجعة والمنظمة لذلك، وبسبب تمتع سورية باستقرار داخلي وكبير.
· التعليم الجامعي لم يقتصر على الجامعات الرسمية التي تديرها الدولة بل سمح بإقامة العديد من الجامعات الخاصة التي أخذت تنافس الجامعات الرسمية الكبيرة، وكذلك شجعت الحكومة السورية ودعمت الجامعات الرسمية، واقامت أيضاً المزيد من الفروع لها في شتى أنحاء الوطن.. وبالاضافة إلى اقامة هذه الجامعات فإنه تم تطوير وتحديث التخصصات فيها من أجل تخريج جيل ينهض بالبلاد علمياً وحضارياً ويلبي حاجات الوطن.
· أما في مجال الصحة فقد تم تحديث وتطوير الخدمات لجميع المستشفيات الحكومية بالاضافة إلى السماح بإقامة مستشفيات خاصة تخصصية. وكذلك تم فتح عيادات خارجية لتغطي كامل الاراضي السورية، وتخدم جميع المواطنين، وها هي سورية تعمل على وضع نظام علاجي شامل يغطي كافة المواطنين على غرار ما يُعمل به في العديد من دول العالم المتطورة.
· وإذا إنتقلنا إلى مجال العلم، فإن سورية قفزت قفزات كبيرة وخطوات واسعة في هذا المجال إذ أن الرئيس الأسد مهتم شخصياً في أن تكون سورية متطورة علمياً... وأصبح الحاسوب متوفراً في كل مكان، وشبكات "النت" متوفرة أيضاً... وأصبح المواطن السوري متماشياً مع أحدث التطورات والاختراعات العلمية.
· وفي مجال الإعلام فإن سورية انتقلت إلى حالة متقدمة جداً إذ أن العشرات لا بل المئات من المحطات الإذاعية الخاصة أسست وانطلقت، كما منحت تراخيص للعديد من الصحف اليومية والاسبوعية وكذلك المجلات. وكذلك تسمح سورية للصحف العربية الصادرة في العديد من العواصم أن تصل الى الاسواق السورية من دون أي عراقيل.. كما ان الكاتب حر في تناول كل المواضيع التي تخدم سورية والوطن العربي، ويوجه النقد للأداء الحكومي، ويعمل على تحسين هذا الأداء.
· ويجب ألا ننسى أن سورية في طليعة العالم العربي من ناحية الفن والفنانين إذ أن الانتاج الفني السوري الدرامي والتلفزيوني هو الأكثر رواجاً ونجاحاً في عالمنا العربي، وهناك اهتمام ورعاية للفنانين وكل أصحاب المهن الفنية من قبل الحكومة السورية. حتى ان الرئيس الأسد يرعى أيضاً الفنانين والمطربين العرب، ويوفر لهم ما يحتاجونه من علاج طبي في حال تعرضهم لوعكات صحية نذكر منهم المطربة فيروز وكذلك صباح، والمطرب اللبناني وديع الصافي، والرئيس الأسد يتابع وبعناية كبيرة حالة هؤلاء ويوفر الدعم لهم، ويشجعهم على إحياء مهرجانات وليال في سورية.
· وإذا نظرنا الى الأداء الاداري فلا شك أن هناك تطوراً كبيراً في ذلك، إذ أن الرئيس بشار الأسد عدل الرواتب لجميع الموظفين ورفع الأجور بنسبة تتجاوز الى 200 بالمائة عما كانت عليه عندما تسلم منصبه. كما ان كل الاعمال "محوسبة"، وهناك مراقبة شاملة على الأداء. وتم تعيين شبان جدد في مجال الإدارة العامة، وأصدر مرسوماً واضحاً أحال كل من وصل سن الستين على التقاعد، مما أعطى المجال لكوكبة من الشباب في ملء وشغر هذه المناصب الرفيعة العديدة.
· أما فيما يتعلق بالوحدة داخل الجبهة التقدمية التي تقود البلاد والتي تتكون من تحالف عشرة أحزاب سياسية، فإنه يولي إهتمامه الكبير بها، ويعزز دور هذه الجبهة، كما يعزز دور حزب البعث، الحزب الأساسي والعمود الفقري لهذه الجبهة.
كما هو اهتمامه بالساحة الداخلية، وبوحدتها وتماسكها، وكانت الدعم الأساس لتجاوز المعطيات والظروف الاقليمية، فإن إهتمامه بمكانة سورية على الساحتين الاقليمية والدولية كان كبيراً ومميزاً.
إنجازات سياسية كبيرة
راهن كثيرون على "ضعف" سورية بعد احتلال الاميركيين للعراق في نيسان عام 2003، والشروط التي قدمها وزير الخارجية الاميركية وقتئذ (كولن باول )لسورية حتى "ترضى" عنها اميركا. ومن ضمن هذه الشروط تخلي سورية عن دعمها للمقاومة، ولكن الرئيس الأسد رفض هذه الشروط، وقالها وبكل شجاعة وجرأة وأمام الجميع وعبر شتى وسائل الاعلام أن سورية متمسكة بمبادئها ولا تحيد عنها، وستبقى إلى جانب المقاومة المشروعة.
وراهن كثيرون على حادثة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في لبنان لتوجيه أسهم الكره والحقد والعداء لسورية حتى تستكين للشروط الاميركية الاسرائيلية، فكان جواب الأسد قاطعاً ومدوياً: "لن ننحني أو نركع إلا لله وحده..".
واستطاع الرئيس الأسد أن يعالج الملف اللبناني بكل هدوء وروية وحكمة، وها هي العلاقات اللبنانية السورية تعود رويداً رويدا إلى سابق عهدها، ومن قاد الحملة ضد سورية اعتذر وعاد لتقديم الولاء لأنه عرف وأدرك أن لبنان من دون سورية ضعيف.. وأن جميع الاتفاقات الثنائية المشتركة بين البلدين هي لصالح لبنان أكثر مما هي لصالح سورية.
والإنجاز الكبير الذي حققه الأسد في استطاعته تعزيز العلاقات مع تركيا لتصبح علاقات استراتيجية قوية، اضافة إلى تعزيز العلاقات التحالفية مع ايران.
وبدأت وفود المسؤولين والقادة في العالم تزور سورية وتلتقي بالرئيس الأسد، وظهر ان سورية ليست معزولة، بل ان من حاول عزلها عزل نفسه، لذلك تراجع عن خطواته حتى يفك العزلة عن نفسه.
وقام الرئيس الاسد بزيارة العديد من الدول الاوروبية، وكذلك دول اميركا اللاتينية، وعلاقات سورية مع كل من الصين وروسيا قوية وكذلك مع فرنسا وايطاليا.. واليونان والعديد من دول العالم..
ويجب أيضاً ذكر استضافة دمشق للقمة العربية في عام 2008 وكانت قمة ناجحة رغم محاولة الاعداء المس بها لكن حنكة القيادة السورية أفشلت كل المحاولات لافشال هذه القمة.
مواقف مبدئية ثابتة
أما فيما يتعلق بمواقف سورية تجاه الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية المحتلة فهي ثابتة وصلبة ولا تقبل التغيير.. ومواقفها تجاه القضايا العربية ثابتة أيضاً. وسورية تدعم نضال شعبنا العربي الفلسطيني وتقف إلى جانب مقاومته، وتسعى إلى تحقيق الوحدة الوطنية من جديد، وترفض رفضاً قاطعاً إجراء أية مفاوضات مباشرة مع اسرائيل إلا إذا التزمت اسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية.
لقد كانت سورية مميزة في دعمها لقضايا الوطن العربي، ولا نبالغ القول إذا قلنا أن الرئيس الأسد هو النجم الساطع بين القادة العرب، وكان نجمه يظهر بصورة جلية في مؤتمرات القمة العربية. وكذلك يمتاز الرئيس الأسد بأن خطاباته وكلماته وأقواله مدروسة ومتزنة يمكن اعتبار الكثير منها على أنها "حكم"... فهو يقول دوماً كلاماً جوهرياً جاداً يحمل معانٍ واضحة للجميع.
إذا أردنا تعداد إنجازات الرئيس السياسية والاجتماعية والسياسية، فإننا نحتاج إلى عشرات الصفحات... ولكننا أردنا التسليط على جزء منها وبصورة مقتضبة تقديراً منا لمواقفه وجهوده وقيادته الحكيمة.
وإننا لعلى ثقة من أن السنوات العشر الماضية من حكمه كانت سنوات سمان لسورية، وستكون السنوات القادمة سماناً أيضاً إن لم تكن أفضل من ذلك..
█║S│█│Y║▌║R│║█
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)