( 1 ) حكي أن أبا العلاء المعري كان يتعصب لأبي الطيب المتنبي فحضر يوما مجلس المرتضى فجرى ذكر أبي الطيب فهضم من جانبه المرتضى فقال أبو العلاء لو لم يكن لأبي الطيب من الشعر إلا قوله: لك يا منازلُ في القلوب منازل لكفاه. فغضب المرتضى وأمر به فسحب وأخرج وبعد اخراجه قال المرتضى هل تعلمون ما أراد بذكر البيت قالوا لا قال عنى به قول أبي الطيب في القصيدة:
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ... فهي الشهادة
لي بأني كامل
( 2 ) ومثله قصة السري الرفاء مع سيف الدولة بسبب المتنبي أيضا فان
السري الرفاء كان من مداح سيف الدولة وجرى في مجلسه يوما ذكر أبي الطيب فبالغ سيف الدولة في الثناء عليه فقال له السري أشتهي أن الأمير ينتخب لي قصيدة من غرر قصائده لأعارضها ويتحقق الأمير بذلك أنه أركب المتنبي في غير سرجه فقال له سيف الدولة على الفور عارض لنا قصيدته التي مطلعها:
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي ... وللحب ما
لم يبق مني وما بقي
قال السري فكتبت القصيدة واعتبرتها في تلك الليلة فلم أجدها
من مختارات أبي الطيب لكن رايته يقول في آخرها عن ممدوحه:
إذا شاء أن يلهو بلحية
أحمقٍ ... أراه غباري ثم قال له الحق
فقلت والله ما أشار سيف الدولة إلا إلى هذا
البيت.
( 3 ) عيون المها
ومثله ما حكاه ابن الجوزي في كتاب الأذكياء وهو من
الغرائب في هذا الباب أن رجلا من طلبة العلم قعد على جسر بغداد يتنزه فأقبلت امرأة بارعة في الجمال من جهة الرصافة إلى الجانب الغربي فاستقبلها شاب فقال لها رحم الله علي بن الجهم فقالت المرأة رحم الله أبا العلاء المعري وما وقفا بل سار مشرقا ومغربا قال الرجل فتبعت المرأة وقلت والله إن لم تقولي لي ما أراد بابن الجهم فضحكت، قالت: أراد به قوله:
عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من
حيث أدري ولا أدري
وعنيت أنا بأبي العلاء قوله
:
فيا دارها بالخيف إن مزارها
... قريبٌ ولكن دون ذلك أهوال
( 4 ) ومثله ما هو منقول عن الإمام الحافظ فتح
الدين أبي الفتح محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمري أن الشيخ بهاء الدين بن النحاس رحمه الله دخل إلى الجامع الأزهر فوجد أبا الحسين الجزار جالسا وإلى جانبه مليح ففرق بينهما وصلى ركعتين ولما فرغ قال لأبي الحسين ما أردت إلا قول ابن سناء الملك فقال أبو الحسين الجزار وأنا تفاءلت بقول صاحبنا السراج الوراق أما مراد الشيخ بها الدين فهو إشارة إلى قول ابن سناء الملك:
أنا في مقعد صدقٍ
... بين قوّادٍ وعلق
وأما مراد أبي الحسين الجزار من قول سراج الوراق
فهو:
ومهفهفٍ راضَ الأبيّ ... فقادَهُ سلِسَ القياد
فلما توسّط بيننا ... جرت
الأمور على السداد
فبلغ كل منهما ما أراد من صاحبه ولم يشعر أحد بمراد الاثنين
غيرهما.

المرجع
/

ثمرات الأوراق - (ج 1 / ص 48
)