صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 9

الموضوع: ما هو الحب؟


  1. #1
    الحالة : Abu anas غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Mar 2010
    رقم العضوية: 77
    الدولة: Dubai
    العمل: Chief Accountant
    العمر: 44
    المشاركات: 2,123
    الحالة الإجتماعية: single
    معدل تقييم المستوى : 721
    Array

    ما هو الحب؟

    الرغم من قيمة مشاعر الحب عندي و عندكم معاشر القراء و القارئات ، و بالرغم من أن الحب يكاد يكون صنم هذا العصر الذي يُحرق له البخور ، و يُقدم له الشباب القرابين من دمائهم ، و يُقدم له الشيوخ القرابين من سمعتهم ، و تُرتل له الأناشيد ، و يُزمر له الزامر ، و تعمل بلاتوهات السينما و ستوديوهات التليفزيون ، ليكون المعبود الأول و المقصود الأول ، و الشاغل الأوحد و الهدف الأوحد و الغاية المثلى للحياة التي بدونها لا تكون الحياة حياة .

    و بالرغم من أننا جميعا جناة أو ضحايا لهذا الحب ، و ليس فينا إلا من أصابه جرح أو سهم أو حرق ، أو أصاب غيره بجرح أو سهم أو حرق .


    بالرغم من هذه الأهمية القصوى ، و الصدارة المطلقة لموضوع الحب في هذا الزمان ، فإني أستأذنكم في إعادة نظر و في وقفة تأمل ، و في محاولة فهم لهذا التيه الذي نتيه فيه جميعا شيوخا و شبابا و صبايا .


    و أسأل نفسي أولا و أسألكم :


    هل تعلمون لماذا يرتبط الحب دائما بالألم ، و لماذا ينتهي بالدموع و خيبة الآمال ؟!


    دعوني أحاول الإجابة فأقول : إن الحب و الرغبة قرينان .. و إنه لا يمكن أن تحب امرأة دون أن ترغبها ، و لهذا ما تلبث نسمات الحب الرفافة الحنون أن تمازج الدم و اللحم ، و الجبلة البشرية فتتحول إلى ريح و إعصار و زوبعة ، حيث ينصهر اللحم و العظم في أتون من الشهوة العارمة ، و اللذة الوقتية التي ما تكاد تشتعل حتى تنطفئ .


    هل أقول إن الحب يتضمن قسوة خفية ، و عدوانا مستترا ؟.


    نعم هو كذلك إذا اصطبغ بالشهوة ، و هو لابد أن يتلون بالشهوة بحكم البشرية .


    و المرأة التي تشعر أن الرجل استولى على روحها ، تحاول هي الأخرى أن تنزع روحه و تستولي عليها .. و في ذلك عدوان خفي متبادل، و إن كان يأخذ شكل الحب.


    و المرة الوحيدة التي جاء فيها ذكر الحب في القرآن هي قصة امرأة العزيز التي شغفها فتاها ( يوسف ) حبّا.


    فماذا فعلت امرأة العزيز حينما تعفف يوسف الصدّيق؟ و ماذا فعلت حينما دخل عليهما الزوج؟ لقد طالبت بإيداع يوسف السجن و تعذيبه.


    قال تعالى: { ... قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [يوسف : 25]


    و ماذا قالت لصاحباتها و هي تروي قصة حبها؟


    قال تعالى: { ...وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ } [يوسف : 32]


    إن عنف حبها اقترن عندها بالقسوة و السجن و التعذيب.


    و ماذا قال يوسف الصدّيق؟


    قال تعالى: { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ... }[يوسف : 33]


    لأنه أدرك ببصيرته أن الحب سجن، و أن الشهوة قيد إذا استسلم له الرجل أطبق على عنقه حتى الموت.. و رأى أن مكثه في السجن عدة سنوات، أرحم من الخضوع للشهوة التي هي سجن مؤبد إلى آخر الحياة.


    إن الحب لا يظل حبا صافيا رفافا شفافا، و إنما ما يلبث بحكم الجبلة البشرية أن يصبح جزءا من ثالوث هو: الحب و الجنس و القسوة، و هو ثالوث متلاحم يقترن بعضه ببعض على الدوام.


    و لأن قصة الحب التي خالطتها الشهوة ما تلبث أن تنتهي إلى الإشباع في دقائق، ثم بعد ذلك يأتي التعب و الملل و الرغبة عند الإثنين في تغيير الطبق، و تجديد الصنف لإشعال الشهوة و الفضول من جديد.. لهذا ما يلبث أن يتداعى الحب إلى شك في كل طرف من غدر الطرف الآخر.. و هذا بدوره يؤدي إلى مزيد من الارتياب و التربص و القسوة و الغيرة، و هكذا يتحول الحب إلى تعاسة و آلام و دموع و تجريح.


    و الحب لا يكاد ينفك أبدا عن هذا الثالوث.. (( الحب و الجنس و القسوة )).. و هو لهذا مقضى عليه بالإحباط و خيبة الأمل، و محكوم عليه بالتقلب من الضد إلى الضد، و من النقيض إلى النقيض.. فيرتد الحب عداوة و ينقلب كراهية و تنتحر العواطف كل يوم مائة مرة.. و ذلك هو عين العذاب.


    و لهذا لا يصلح هذا الثالوث أن يكون أساسا لزواج.. و لا يصلح لبناء البيوت، و لا يصلح لإقامة الوشائج الثابتة بين الجنسين.


    و من دلائل عظمة القرآن و إعجازه أنه حينما ذكر الزواج، لم يذكر الحب و إنما ذكر المودة و الرحمة و السكن.


    سكن النفوس بعضها إلى بعض.

    و راحة النفوس بعضها إلى بعض.

    و قيام الرحمة و ليس الحب.. و المودة و ليس الشهوة.


    قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ...} [الروم : 21]


    إنها الرحمة و المودة.. مفتاح البيوت.


    و الرحمة تحتوي على الحب بالضرورة.. و الحب لا يشتمل على الرحمة، بل يكاد بالشهوة أن ينقلب عدوانا.


    و الرحمة أعمق من الحب و أصفى و أطهر.

    و الرحمة عاطفة إنسانية راقية مركبة، ففيها الحب، و فيها التضحية، و فيها إنكار الذات، و فيها التسامح، و فيها العطف، و فيها العفو، و فيها الكرم.


    و كلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية.

    و قليل منا هم القادرون على الرحمة.

    و بين ألف حبيبة هناك واحدة يمكن أن ترحم، و الباقي طالبات هوى و نشوة و لذة.


    و لذلك جاء كتاب الحكمة الأزلية الذي تنزل علينا من الحق.. يذكرنا عند الزواج بالرحمة و المودة و السكن.. و لم يذكر كلمة واحدة عن الحب، محطما بذلك صنم العصر و معبوده الأول، كما حطم أصنام الكعبة من قديم.


    و الذين خبروا الحياة و باشروا حلوها و مرّها، و تمرسوا بالنساء يعرفون مدى عمق و أصالة و صدق هذه الكلمات المنزلة.


    و ليس في هذه الكلمات مصادرة للحب، أو إلغاء للشهوة و إنما هي توكيد، و بيان بأن ممارسة الحب و الشهوة بدون إطار من الرحمة و المودة و الشرعية هو عبث لابد أن ينتهي إلى الإحباط.


    و الحيوانات تمارس الحب و الشهوة و تتبادل الغزل.

    و إنما الإنسان وحده هو الذي امتاز بهذا الإطار من المودة و الرحمة و الرأفة، لأنه هو وحده الذي استطاع أن يستعلي على شهواته؛ فيصوم و هو جائع و يتعفف و هو مشتاق.


    و الرحمة ليست ضعفا و إنما هي غاية القوة، لأنها استعلاء على الحيوانية و البهيمية و الظلمة الشهوانية.


    الرحمة هي النور و الشهوة هي النار.

    و أهل الرحمة هم أهل النور و الصفاء و البهاء، و هم الوجهاء حقا.


    و القسوة جبن و الرحمة شجاعة.

    و لا يؤتى الرحمة إلا كل شجاع كريم نبيل.

    و لا يشتغل بالانتقام و التنكيل إلا أهل الصغار و الخسة و الوضاعة.

    و الرحمة هي خاتم الجنة على جباه السعداء الموعودين من أهل الأرض.. تعرفهم بسيماهم و سمتهم و وضاءتهم.


    و علامة الرحيم هي الهدوء و السكينة و السماحة، و رحابة الصدر، و الحلم و الوداعة و الصبر و التريث، و مراجعة النفس قبل الاندفاع في ردود الأفعال، و عدم التهالك على الحظوظ العاجلة و المنافع الشخصية، و التنزه عن الغل و ضبط الشهوة، و طول التفكير و حب الصمت و الائتناس بالخلوة و عدم الوحشة من التوحد، لأن الرحيم له من داخله نور يؤنسه، و لأنه في حوار دائم مع الحق، و في بسطة دائمة مع الخلق.


    و الرحماء قليلون، و هم أركان الدنيا و أوتادها التي يحفظ بها الله الأرض و من عليها.

    و لا تقوم القيامة إلا حينما تنفد الرحمة من القلوب، و يتفشى الغلّ، و تسود المادية الغليظة، و تنفرد الشهوات بمصير الناس، فينهار بنيان الأرض و تتهدم هياكلها من القواعد.


    اللهم إني أسألك رحمة..

    اللهم إني أسألك مودة تدوم..

    اللهم إني أسألك سكنا عطوفا و قلبا طيبا..

    اللهم لا رحمة إلا بك و منك و إليك..
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 32
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1402
    Array

    اللهم إني أسألك رحمة..

    اللهم إني أسألك مودة تدوم..

    اللهم إني أسألك سكنا عطوفا و قلبا طيبا..

    اللهم لا رحمة إلا بك و منك و إليك..

    اللهم آمين .. بصراحة أروع موضوع قرأته .. واجمل صباح اتصبحت بالمودة والرحمة
    صباحك معطر بذكر الله

    ومني إلك أروع تقييم

    تحيتي



  • #3
    الحالة : ماهرالفيزو غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Oct 2010
    رقم العضوية: 3776
    الدولة: الســــــــــــــــعودية
    السيرة الذاتية: الله يحميكي ياشام
    العمل: تجارة
    المشاركات: 11,216
    الحالة الإجتماعية: عـــــــــــــــــازب
    معدل تقييم المستوى : 1636
    Array

    اللهم إني أسألك رحمة..


    اللهم إني أسألك مودة تدوم..


    اللهم إني أسألك سكنا عطوفا و قلبا طيبا..
    شكرا لك

    وجزاك الله خير
    ولك احلى تقييم



    اللهم لا رحمة إلا بك و منك و إليك..

    متـــــــــى
    الزفاف ياعروس الربيع




  • #4
    الحالة : Sanaa غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 471
    المشاركات: 14,895
    معدل تقييم المستوى : 1696
    Array

    و الرحمة عاطفة إنسانية راقية مركبة، ففيها الحب، و فيها التضحية، و فيها إنكار الذات، و فيها التسامح، و فيها العطف، و فيها العفو، و فيها الكرم.


    و كلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية.

    و قليل منا هم القادرون على الرحمة.




    اللهم إني أسألك رحمة..

    اللهم إني أسألك مودة تدوم..

    اللهم إني أسألك سكنا عطوفا و قلبا طيبا..

    اللهم لا رحمة إلا بك و منك و إليك..




    اللهم آمييييييين


    كلمات راااااااائعة ... و موضوع أرووووع

    و يستحق التقييم بجداااااارة

    شكراا كتيييير ع الطرح المهم و الراقي جدااا

    مع التحية


  • صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. ما الذي يميز الحب الحقيقي عن الحب الزائف؟
      بواسطة حسن حاضري في المنتدى ملتقى المرأة السورية Syrian women forum
      مشاركات: 10
      آخر مشاركة: 10-28-2010, 04:54 PM
    2. الحب الثاني يمحي الحب الاول ؟
      بواسطة الصقرالحنون في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 15
      آخر مشاركة: 07-30-2010, 06:26 AM
    3. الحب
      بواسطة عبد الرحمن فتوح في المنتدى ملتقى عالم آدم Adams World
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 07-24-2010, 02:20 PM
    4. الحب الصامت أطهر أنواع الحب
      بواسطة روح الحلا في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 08:26 PM
    5. | الحب | معنى "الحب" والمفهوم الحقيقي "للحب" | الحب اخلاق ام مشاعر..؟ |
      بواسطة عمر في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 05-06-2010, 04:01 AM

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1